سورة مريم - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (مريم)


        


{قَالَ رَبِّ أَنَّى} من أين {يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا} أي: وامرأتي عاقر. {وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا} أي: يبسا، قال قتادة: يريد نحول العظم، يقال: عتا الشيخ يعتو عتيا وعسيا: إذا انتهى سنه وكبر، وشيخ عات وعاس: إذا صار إلى حالة اليبس والجفاف.
وقرأ حمزة والكسائي: عتيا وبكيا وصليا وجثيا بكسر أوائلهن، والباقون برفعها، وهما لغتان. {قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ} يسير {وَقَدْ خَلَقْتُكَ} قرأ حمزة والكسائي {خلقناك} بالنون والألف على التعظيم، {مِنْ قَبْلُ} أي من قبل يحيى {وَلَمْ تَكُ شَيْئًا} {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً} دلالة على حمل امرأتي {قَالَ آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} أي: صحيحا سليما من غير ما بأس ولا خرس.
قال مجاهد: أي لا يمنعك من الكلام مرض.
وقيل: ثلاث ليال سويا أي متتابعات، والأول أصح.
وفي القصة: أنه لم يقدر فيها أن يتكلم مع الناس فإذا أراد ذكر الله تعالى انطلق لسانه.


قوله عز وجل: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ} وكان الناس من وراء المحراب ينتظرونه أن يفتح لهم الباب فيدخلون ويصلون، إذ خرج عليهم زكريا متغيرا لونه فأنكروه، وقالوا: ما لك يا زكريا؟ {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ} فأومأ إليهم، قال مجاهد: كتب لهم في الأرض، {أَنْ سَبِّحُوا} أي: صلوا لله {بُكْرَةً} غدوة {وَعَشِيًّا} ومعناه: أنه كان يخرج على قومه بكرة وعشيا فيأمرهم بالصلاة، فلما كان وقت حمل امرأته ومنع الكلام حتى خرج إليهم فأمرهم بالصلاة إشارة. قوله عز وجل: {يَا يَحْيَى} قيل: فيه حذف معناه: ووهبنا له يحيى وقلنا له: يا يحيى، {خُذِ الْكِتَابَ} يعني التوراة {بِقُوَّةٍ} بجد {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ} قال ابن عباس رضي الله عنهما: النبوة {صَبِيًّا} وهو ابن ثلاث سنين.
وقيل: أراد بالحكم فهم الكتاب فقرأ التوراة وهو صغير.
وعن بعض السلف: من قرأ القرآن قبل أن يبلغ فهو ممن أوتي الحكم صبيا. {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا} رحمة من عندنا، قال الحطيئة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه:
تحنن علي هداك المليك *** فإن لكل مقام مقالا أي: ترحم.
{وَزَكَاةً} قال ابن عباس رضي الله عنهما: يعني بالزكاة الطاعة والإخلاص.
وقال قتادة رضي الله عنه: هي العمل الصالح، وهو قول الضحاك.
ومعنى الآية: وآتيناه رحمة من عندنا وتحننا على العباد، ليدعوهم إلى طاعة ربهم ويعمل عملا صالحا في إخلاص.
وقال الكلبي: يعني صدقة تصدق الله بها على أبويه.
{وَكَانَ تَقِيًّا} مسلما ومخلصا مطيعا، وكان من تقواه أنه لم يعمل خطيئة ولا هم بها.


{وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ} أي بارا لطيفا بهما محسنا إليهما. {وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا} والجبار: المتكبر، وقيل: الجبار: الذي يضرب ويقتل على الغضب، والعصي: العاصي. {وَسَلامٌ عَلَيْهِ} أي: سلامة له، {يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا} قال سفيان بن عيينة: أوحش ما يكون الإنسان في هذه الأحوال: يوم ولد فيخرج مما كان فيه، ويوم يموت فيرى قوما لم يكن عاينهم، ويوم يبعث فيرى نفسه في محشر لم ير مثله. فخص يحيى بالسلامة في هذه المواطن. قوله عز وجل: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ} في القرآن {مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ} تنحت واعتزلت {مِنْ أَهْلِهَا} من قومها {مَكَانًا شَرْقِيًّا} أي: مكانا في الدار مما يلي المشرق، وكان يوما شاتيا شديد البرد، فجلست في مشرقة تفلي رأسها.
وقيل: كانت طهرت من المحيض، فذهبت لتغتسل.
قال الحسن: ومن ثم اتخذت النصارى المشرق قبلة.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8